الرئيس الأمريكي القادم- هل سيختلف الوضع بالنسبة للعالم الإسلامي؟

المؤلف: كمال أوزتورك10.18.2025
الرئيس الأمريكي القادم- هل سيختلف الوضع بالنسبة للعالم الإسلامي؟

أبدى مسؤول حكومي تركي رفيع المستوى تخوفه من عودة محتملة لدونالد ترامب إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة، موضحًا أن فترة حكمه السابقة شهدت تهديدات صريحة بتدمير الاقتصاد التركي عبر منصات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي تسبب في اضطرابات حادة في أسعار الصرف المحلية.

ويرى المراقبون أن هذا المسؤول التركي، وغيره الكثيرين، لا يتمنون عودة ترامب إلى السلطة؛ نظرًا لتقلبات مزاجه وتصرفاته غير المتوقعة، مع الإشارة إلى أن العلاقات بين البلدين لم تشهد تحسنًا جوهريًا خلال فترة حكم جو بايدن. وفي خضم الاستعدادات للانتخابات الرئاسية المرتقبة في نوفمبر/تشرين الثاني، تتساءل دول العالم عن الخيار الأفضل: هل هو عودة ترامب، أم وصول كامالا هاريس، التي تعتبر الأوفر حظًا بعد قرار بايدن بالانسحاب، إلى سدة الحكم؟

هل سيتبدل المشهد بتغيير الرئيس؟

من المؤكد أن وصول ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة سيحمل معه تغييرات جذرية في السياسة العالمية. فأسلوبه الإداري الفريد، ورؤيته السياسية المتمحورة حول مصالح الولايات المتحدة، من شأنها أن ترسم ملامح جديدة للنظام العالمي.

فعلى سبيل المثال، إذا ما اعتبر ترامب الصين تهديدًا قوميًا أولًا، وليس روسيا، فقد يتبدل المشهد في آسيا وأوروبا، وتتغير مسارات الحرب الروسية الأوكرانية. كما أن نظرته السلبية تجاه حلف شمال الأطلسي (الناتو) قد تؤدي إلى تحولات في العقائد الأمنية في أوروبا. ولا شك أن شعاره الشهير "أمريكا أولًا" سيؤثر بشكل مباشر على طبيعة التجارة مع مختلف الدول، وبالتالي على الاقتصاد العالمي برمته.

ما الذي سيتبدل بالنسبة للعالم الإسلامي؟

الجدير بالذكر أن المناظرة التلفزيونية التي جمعت بين ترامب وبايدن كانت من الأسباب الرئيسية لانسحاب الأخير من السباق الرئاسي، حيث تفوق ترامب بشكل ملحوظ على بايدن الذي بدا عليه الضعف. وخلال تلك المناظرة، اتهم ترامب بايدن بأنه "صديق فلسطين"، وهو اتهام غريب، خاصة وأن بايدن قدم دعمًا كبيرًا لعمليات أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين، ومع ذلك اتُهم بعدم دعم إسرائيل بالقدر الكافي!

وفي ضوء هذه المعطيات، تساءل الكثيرون عن الخطوات التي سيقدم عليها ترامب في حال فوزه بالرئاسة مرة أخرى، ليجيب هو بنفسه قائلًا: "سأقول لإسرائيل أسرعوا!"، أي أنه سيحث نتنياهو على تسريع وتيرة الاحتلال والتهجير والقتل. وهذا ما يفسر إطالة أمد الحرب من قبل نتنياهو وتجنبه اتفاق السلام، لأنه يعتقد أنه سيتمكن من تنفيذ مخططاته بشكل أسهل في ظل إدارة ترامب.

وعلى الرغم من أن الكثيرين يتمنون عدم فوز ترامب في الانتخابات، إلا أن هناك وجهة نظر أخرى ترى أن وصول كامالا هاريس إلى السلطة لن يغير شيئًا جوهريًا؛ نظرًا لكونها لن تحيد عن مواقفها المعروفة، إلا أن القضية تتجاوز مجرد تغيير الأشخاص.

المسألة الجوهرية تكمن في التحول في آلية عمل الإدارة الأميركية

في تقديري، بغض النظر عن هوية الرئيس القادم، لن يطرأ تغيير يُذكر على السياسة الأميركية تجاه القضية الفلسطينية، أو منطقة الشرق الأوسط، أو نظرة الولايات المتحدة إلى العالم الإسلامي.

والسبب الذي يغفل عنه الكثيرون هو أن النظام السياسي والديني الذي يحكم المؤسسات الحكومية الأميركية وصناع السياسة قد تغير منذ زمن بعيد. فالولايات المتحدة لم تعد دولة تتخذ قراراتها بناءً على الحقائق والوقائع، بل أصبحت دولة تتأثر بالمشاعر الدينية إلى حد كبير. ويعزى ذلك إلى تغلغل أصحاب الآراء الإنجيلية والصهيونية في أهم مؤسسات الدولة وتشكيلهم شبكة واسعة من النفوذ.

فالقيادة المركزية للجيش الأميركي (CENTCOM)، ووزارة الخارجية، والبيت الأبيض، ووكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، ومراكز الفكر والجامعات التي تمد الحكومة بالأفكار، جميعها تخضع لسيطرة هؤلاء الأشخاص.

إن هؤلاء الأشخاص منفصلون عن الواقع ويتخذون قرارات مصيرية بناءً على معتقداتهم الدينية وأحلامهم وتصوراتهم، وهو ما يمكن تسميته بصنع القرارات الدينية السياسية.

وعلى سبيل المثال، كان الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل قرارًا ذا طابع ديني سياسي. وهناك العديد من النقاط التي تتلاقى فيها النظرة الإنجيلية والصهيونية، وجميعها تصب في خانة العداء للمسلمين. ولهذا السبب، بغض النظر عمن سيشغل منصب الرئيس الأميركي، لن يتبدل حال العالم الإسلامي إلى الأفضل.

من لم يكن قويًا سيصبح عبدًا

دعونا نعترف بالحقيقة المرة، فما دمنا ضعفاء، سنظل مرشحين للاستعباد. وما دامت الدول الإسلامية متفرقة ومتناحرة فيما بينها، وغير قادرة على تطوير اقتصادها ونظامها القضائي وأساليب إدارتها لتصبح قوية، فسنظل نتأثر بمواقف الرئيس الأميركي وسياساته.

إن صورة الدول الإسلامية المتشرذمة والمنشغلة بصراعاتها الداخلية هي ما يتمناه كل رئيس أميركي. ففي ظل هذه الحالة، ستتمكن الولايات المتحدة من ممارسة نفوذها علينا بسهولة أكبر، وسنتعرض لمزيد من الأضرار. ولهذا السبب، ما لم نصلح أوضاعنا ونتحد، لن يتحسن حالنا بغض النظر عمن سيصل إلى سدة الرئاسة في الانتخابات الأميركية القادمة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة